قامت جباية الضرائب في مصر في عصر الرومان في البداية على نظام الألتزام ، وهو ما يعد أستمراراً للنظام الذي كان معمولاً به في عصر البطالمة ، حيث كان يشهر في المزاد في كل عام جباية كل ضريبة على حدة ، في منطقة في الأغلب لم تكن تزيد عن مديرية واحدة ، ويرسو المزاد على من يضمن للدولة الحصول على أكبر قدر ممكن من حصيلة الضريبة .
وكان يتعين أن يكون للملتزم ضامنون ، وأن يقدم الملتزم وضامنوه ممتلكاتهم رهناً للوفاء بألتزاماته ، ويبدو أن الدولة أضطرت بعد ذلك إلى فرض ألتزام جباية الضرائب على الأفراد ، مما كان يؤدي إلى هروب الملتزمين في كثير من الأحيان ، بيد أن نظام الألتزام أخذ يختفي شيئاً فشيئاً ، وأسندت جباية الضرائب إلى موظفين كان يجرى تكليفهم للقيام بهذا العمل ، بشكل ألزامي ، وكان جباة الضرائب المكلفين يلتزمون بتعويض النقص الذي ينتج في بعض الأحيان من أموالهم الخاصة ، ولكن في عهد الأمبراطور تراجان (98 – 117 م) تقرر إلزام كل سكان القرية بأن يتضامنوا في سد العجز الذي قد يترتب على عملية الجباية .
وكان الوال هو الذي يشرف على عملية الجباية بأكملها ، ويقوم بمراجعة العامة في أثناء زيارته للمديريات ، ويقرأ التقارير التي يقدمها له المسئولون في المديرية ، ولكن الأمبراطور هو الذي يقرر مقدار الضريبة المستحقة على الولاية ، أستناداً إلى تقارير الوالي ، ومن حقة أن يمنع البعض إعفاءات من الضرائب ، كما كان الوالي يتمتع بنفس الحق ولكن في حالات أستثنائية .
وتذكر بعض المصادر عن الوسائل التي كان يلجأ إليها بعض جباة الضرائب ، من أجل أنتزاع مستحقات الدولة لدى الأهالي ، فجابي الضريبة في إحدى المناطق حين وجد أن بعض دافعي الضرائب قد هربوا ، دون أن يدفعوا ما عليهم ، أتجه إلى زوجاتهم وأطفالهم وأقاربهم فسامهم سوء العذاب ، وطرح بعضهم أرضاً ، وأخذ يضربهم ويطأهم بأقدامه ، بل أنه لم يتورع عن قتل بعضهم ، فإذا لم يجد أقارب للهارب أ فإن الأذى ينتقل إلى الجيران ، وقد يشمل القرية جميعها .
وتعددت الأساليب البشعة التي كان يلجأ إليها جباة الضرائب ، الذين لم يرحموا حتى المتوفي ، ودفعتهم صفاقتهم إلى الأعتداء على جثث الموتى ، حتى يجبروا أقاربهم على دفع ما هو مستحق عليهم من ضرائب ، وإزاء بشاعة هذه الأساليب ، وعجز الأهالي عن الوفاء بألتزاماتهم ، فلا عجب أن يؤدي ذلك إلى هروب الأهالي من مواطنهم ، وخلو بعض القرى من السكان .