ظلت مدينة الإسكندرية في العصر الروماني عاصمة للحكم ، وأستمرت في الوقت نفسه مركزاً للبحث العلمي والنشاط الفكري والثقافي ، متابعة في ذلك دورها العظيم الذي قامت به في العصر البطلمي ، ولما كان الأباطرة الرومان يكنون الأحترام للثقافة اليونانية ، فإنهم بذلوا التشجيع لذلك المؤسسة العلمية اليونانية التي شيدها البطالمة وهي "الموسيون" Mouseon (دار العلم) فقد أستمر علماء هذه المؤسسة يتلقون من الأباطرة العطايا ، ويتمتعون ببعض الأمتيازات ومنها بعض الإعفاءات الضريبية ، فالإمبراطور كلوديوس أضاف إلى "الموسيون" مبنى جديداً حمل أسمه وكانت تتدارس فيه مؤلفاته ، والإمبراطور هادريان أشتهر بعشقه للثقافة اليونانية ، وزار الموسيون وشارك في ندوات عقدها مع علمائه ومفكريه حيث بذل لهم المزيد من المكافآت كما زاد من عددهم ، غير أنه ترخص فيما يبدو في منح عضوية الموسيون لأشخاص من غير العلماء ، لأن بعض وثائق القرن الثاني تذكر بعض رجال الدين والضباط الرومان وكبار الموظفين المدنيين بل الأبطال الرياضيين على أنهم أعضاء فيه .
وحتى نهاية القرن الثاني الميلادي كان الموسيون لا يزال يجتذب إليه النابهين من العلماء ، فقد كانت طبيعة الدراسة فيه أقرب إلى أسلوب أكاديميات البحث العلمي منها إلى أسلوب الجامعات المعنية بتدريس فروع المعرفة المختلفة لكن يبدو أن الموسيون اقترب منذ بداية القرن الثالث من الوظيفة التعليمية حين اضطر علماؤه إلى تخصيص قاعات يدرسون فيها لمن يريد من الطلاب لقاء آخر بعد أن أوقف الإمبراطور كاراكالا دعم الحكومة المادي للموسيون فتوافد عليه طلاب من الإسكندرية وأنحاء مصر ومن خارجها ، ومما يجدر بالذكر أن الطلاب الأجانب دارسي العلوم وخاصة الطب أستمروا يفدون إلى الإسكندرية حتى نهاية القرن الرابع على الأقل .