إن الغالبية العظمى من الشكاوي من القرن الثالث قبل الميلاد كانت تحرر على وجه البردي في سطور تتقاطع عموديًا مع نسيج اللفافة ، التي كان عرضها عادة حوالي 22سم أما طولها فكان يتوقف على طول الموضوع ، مما يدعو إلى العتقاد بأنه كان لا يجوز في القرن الثالث تحرير الشكاوي بأي شكل كان أو على أية قطعة ورق يجدها صاحب الشكوى أو كاتبها ، بل يبدو أنه كان يوجد ورق خاص لهذا الغرض ، على نحو ما يوجد اليوم ورق خاص عليه طابع الحكومة لتقديم الطلبات الرسمية .
وفي أغلب وثائق القرن الثالث كانت تستخدم صيغة معينة في تحرير الشكاوي ، فإن الشكاوى تشبه الخطابات من حيث أنها كانت تبدأ بعبارة التحية وتنتهي بعبارة الوداع ، مع فارق واحد ، وهو أن الشكاوى كانت تستخدم في ذلك عبارات أكثر كلفة وتفخيمًا .
ومما يجدر أيضًا بالملاحظة أن طريقة كتابة الخطابات كانت كطريقة كتابة الشكاوي أي على وجه لفائف البردي في سطور تتقاطع عموديًا مع نسيجها . وقد كان لب الشكوى ينقسم ثلاثة أقسام ، يشرح أولها الوقائع التي أدت إلى تقديمها ، ويحوى ثانيها طلبات الشاكي ، ويتضمن ثالثها في بعض الأحيان دعاء للملك ، أما في أغلب الأحيان فكان يتضمن ما يؤكد أن الملك بإعطاء الشاكي حقه يثبت عدالته وحسن طويته ويبرهن على أنه حامي رعيته وملاذهم الأعلى ، وكان لب الشكوى يبدأ بقول المشتكي "لقد أضر بين (فلان)" . وفي بعض الأحيان كان يكتفي بذكر اسم المدعي عليه فقط ، وفي أحيان أخرى كان يضاف إلى ذلك اسم أبيه وجنسيته ومقره وصناعته وكل ما يساعد على التعرف عليه .
وفي القرن الثالث قبل الميلاد ، كانت الشكوى توجه دائمًا إلى الملك ، وتسلم إما إليه شخصيًا أو إلى ممثلة في الإسكندرية ، وفي خلال هذا القرن كان يسمح لأصحاب الشكاوى الموجهة إلى المك بتقديمها إلى حكام (قواد) المديريات أو المحاكم ، غير أنه عند نهاية هذا القرن عدل عن هذا الترخيص فيما يخص القواد فقط ، وكانت الشكاوى المقدمة للملك يفحصها رجال سكرتاريته ، وتحال إما إلى محكمة الملك أو إلى محاكم أخرى أو إلى قواد المديريات إذا طلب الشاكين ذلك ، وعند إحالة الشكوى إلى محكمة الملك كان يتبع ذلك إعلان المدعي عليه للمثول أمام المحكمة .
وكانت القضايا تنظر أمام محاكم القضاة المصريين والمحكمة المختلطة أما نتيجة لقيام القائد بإحالتها إليها بعد فشله في تسوية النزاع وديًا ، أو نتيجة لتقديم الشكاوى إلى هذه المحاكم مباشرة .
وكانت القضايا تنظر أمام محاكم القضاة الإغريق نتيجة لإحالتها إليها أو لتقديم الشكاوي مباشرة إليها بإيداعها في الصندوق المخصص لهذا الغرض ، وكان قضاة المحكمة يقومون بتحقيق الشكوى قبل إعلان المدعي عليه للحضور ، وكان يتولى إعلانه أما كاتب المحكمة أو المدعي نفسه .
وعند إحالة الشكوى إلى قواد المديريات أو تقديمها إليهم ، كان يتولى فحصها موظفون مختصون بذلك ، وإذا كان يمكن التصرف فيها في العاصمة ، فإن الإجراءات الضرورية كانت تتخذ في الحال ، وكان يوضع في أسفل الشكوى ملخصها .