ويمكن تقسيم القضاء الخاص قسمين رئيسيين : أحدهما يتناول الشكاوى التي لها صبغة إدارية أو تمس موظفي الإدارة وعمال المالية ، والقضايا التي تتأثر بها موارد الملك ، والقضايا المدنية والجنائية التي تمس أشخاصًا يخدمون هذه الموارد، مثل زراع الملك وعمال الصناعات التي تحتكرها الحكومة ، أما القسم الآخر ، فإنه يتناول القضايا التي كانت تخص رجال الجيش .
فالبطالمة أستثنوا من اختصاص القضاء العادي ، المصري والإغريقي ، القضايا التي كانت لها صيغة اقتصادية أو تتأثر بها الحياة الاقتصادية بأي شكل كان ، فتفاصيل تنظيم موارد الدولة والوسائل التي اتبعت في نظام الالتزام والاحتكارات كانت مليئة بالكثير مما استحدثه البطالمة ، ولذلك كان لابد من أن يكون القضاة الذين يفصلون في هذه النظم الجديدة معدين إعدادًا خاصًا لهذا الغرض .
ولما كان تنفيذ الأوامر المالية يمس صميم مصالح الدولة ، فقد كان طبيعيًا في نظر البطالمة أن يعهدوا بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ هذه الأوامر أو عن مخالفتها إلى قضاة أكثر حرصًا وصرامة وسرعة واستعداد من القضاة العادية .
وإزاء كل ذلك ، كان البطالمة يعهدون إلى الموظفين المشرفين على دخل الدولة بالفصل في القضايا التي كان لها طابع اقتصادي ، ويبدو أن أولئك القضاة كانوا يضعون نصب أعينهم مصالح الخزانة قبل كل شيء آخر ، ولما كان الملك يسيطر على الحياة الاقتصادية ، فإن الكثير من الأعمال التي كانت تعتبر عادية في كل نظام اقتصادي حر كانت تعتبر في كنف نظام البطالمة مخالفات تستحق العقاب ، ومن ثم كثرت القضايا التي كانت تمس مصالح الخزانة ، مما حدا البطالمة إلى العمل على تخفيف العبء عن المحاكم العادية بإنشاء القضاء الخاص ، ولعل البطالمة قد أرادوا أيضًا بإنشاء القضاء الخاص إعطاء أهمية خاصة للشئون الاقتصادية ، وبيان ما كان لمصالحهم من صفة ممتازة .