لقد نشبت أول ثورة شعبية في عهد بطلميوس الثالث في خلال حربه السورية ، فلو لم تستدع الملك ثورة داخلية لاحتل كل مملكة السلوقيين ، فالاستعدادات الكبيرة لفتوحات بطلميوس الثالث الواسعة أنطوت على ازدياد ضغط الحكومة على الأهالي ، و القسوة المتزايدة في وسائل الأداة الحكومية و مطالبة مزارعي الملك بإيجازات باهظة .
فهذه الحركة كانت ثورة قومية أدت إليها هذه العوامل ، وساعد عليها غياب قوات الحكومة في الخارج ، وكذلك تلك المجاعة التي ترتبت على نقص الفيضان عن منسوبه ، فسارع بطلميوس الثالث إلى إنقاذ الموقف باستيراد القمح من سوريا وفينيقيا وقبرص وغيرها من الأقاليم ، وربما تعزى هذه الثورة أيضاً إلى توزيع اقطاعات كثيرة بين أسرى الحرب الآسيويين ، مما أفضى إلى إزعاج المزارعين المصريين .
ويعتقد البعض أنه قد ظهرت في عهد بطلميوس الثالث نبوءة ، وتتكشف هذه النبوءة عن كره عميق للإسكندرية وعداء دفين للأجانب ، وتتنبأ بقيام زعيم وطني يحرر البلاد من مغتصبيها ، ويعيد العاصمة إلى منف ، ويتولى حكم مواطنيه ، وكانت هذه النبوءة تعبر عما يجيش في صدور المصريين من الآلام والآمال إنذاك و بلبلة أفكارهم واضطراب أحوالهم ، مما أدى إلى ثورة مصرية ، بلغت في الخطورة حدا اضطر الملك معه إلى أن يترك فتوحاته الأسييوية ويعود مسرعاً إلى مصر .
كانت سياسة البطالمة الأوائل الداخلية سياسية سيطرة على أهالي البلاد يشارك الملك فيها أعوانه المدنيون والعسكريون الذين كان أغلبهم من الإغريق أما منذ عهد بطلميوس الرابع ، فقد اتبع البطالمة سياسة جديدة في معاملة المصريين .
ويعتقد البعض أن البطالمة قد استبدلوا عندئذ بسياسة السيطرة على المصريين سياسة إشراكهم في الحكم ، وهناك رأي اخر يقول ان البطالمة وإن كانوا قد غيروا حقًا سياستهم الأولى ، إلا أنهم لم يذهبوا إلى حد إشراك المصريين في الحكم ، بل اكتفوا بمنحهم بعض الامتيازات وفي الوقت نفسه استمروا يوالون الإغريق بعطفهم ، والدليل على صحة هذا الرأي أن أغلب المناصب الكبرى والضياع والاقطاعات الكبيرة بقيت من نصيب الإغريق ، وإن النظام الاقتصادي والمالي الصارم بقى في جوهره كما هو بما ينطوي عليه من إرهاب المصريين .