لم تجد فتيلاً المحاولات التي بذلها بطلميوس الثامن لتهدئة البلاد ، فإنه عقب وفاته في عام 116 ق.م بقيت البلاد تعاني نفس ما كانت تعانيه في خلال حياته من ظلم ، نتيجة للصراع على السطلة .
وقد نشب هذا الصراع أولاً بين كليوبترا الثالثة وكليوبترا الثانية حتى وفاة الأخيرة في أواخر عام 116، وثانياً بين كليوبترا الثالثة وابنها الأكبر بطلميوس التاسع سوتر الثاني الذي أرغمها الإسكندريون على إشراكه معها في الحكم بدلاً من ابنها المفضل لديها بطلميوس إسكندر وانتهى الأمر بطرد سوتر الثاني (عام 107 ق.م) وذهابه إلى قبرص ليعد العدة لاستراداد عرشه ، وثالثاً بين كليوبترا الثالثة وابنها بطلميوس إسكندر الذي لم يكن أسعد حظاً من أخيه مع أمه ، فقد صممت على أن تقبض على كل السلطات ، مما أثار الشحناء والبغضاء بينهما وبين أنصارهما إلى أن توفيت كليوبترا (عام 101 ق.م) فحكم بمفرده إلى أن طرده الإسكندريون (عام 89ق.م) ولقى حتفه في العام التالي .
وعندئذ استرد سوتر الثاني عرشه وظل يتولاه إلى أن توفي (عام 80ق.م) وبعد وفاة سوتر الثاني تربع على العرش بطلميوس أوليتس (الزمار) حتى عام 51 ق.م ، وكان الزمار ملكاً تافهاً أراق ماء وجهه وبدد ثروة مملكته في شراء اعتراف الرومان به ملكاً وحليفاً .
وعندما سطت روما على قبرص ـ أخر ممتلكات مصر الخارجية ـ تذمر الإسكندريون تذمراً شديداً ، وإزاء عجزه عن تهدئة ثائر رعاياه ، ذهب إلى روما (عام 58 ق.م) يستعديها عليهم ، وبعد غيبة دامت أكثر من عامين عاد إلى مصر (عام 55 ق.م) في حماية كتائب جابينيوس ، حاكم سوريا الروماني ، لقاء رشوة كبيرة ، فانتقم من خصومه شر انتقام ، وعين أكبر دائنيه ـ الممول الروماني رابيريوس ـ وزيراً للمالية ، فاعتصر دافعي الضرائب إلى حد أثار نقمتهم عليه وعلى الملك الزمار .
وفي عام 51 ق.م توفي الزمار مكروهاً من شعبه ومحتقراً من الرومان وعقب الخلافات الأسرية التي شهدتها بداية حكم كليوبترا السابعة ، أكتسبت مصر لفترة قصيرة أهمية سياسية عظيمة كانت أشبه بصحوة الموت ، إذ أن روما لم تلبث أن ضمتها إلى إمبراطوريتها في عام 30 ق.م .